ظاهرة الفيديوهات على “فيسبوك”… وسيلة للشهرة؟

::عمر قصقص::
ارتفعت بشكل لافت، في الفترة الأخيرة، نسبة الأشخاص الذين يعبّرون عن آرائهم من خلال نشر تسجيلات خاصة بهم عبر صفحاتهم على “فيسبوك”، فأصبح إيصال الفكرة بالصوت والصورة أنجع وسيلة لاستقطاب العدد الأكبر من المشاركات والتعليقات إلى جانب ارتفاع نسبة المشاهدين.

ويُعتبر بيار حشاش أول مَن بدأ بهذه الظاهرة في لبنان وذلك عام 2007، عبر صفحته على “فيسبوك”. فلم تخلُ تسجيلاته يوماً من التعليقات الحادة والساخرة التي يستعرض من خلالها المواضيع الراهنة ويلعب على تناقضاتها ليصل بشكل أسرع لمتابعيه الذين تعدوا العشرين ألفاً. وقد أوضح في حديثه لـ”العربي الجديد”: “لقد استخدمت هذا الأسلوب للتعبير عن أفكاري، ولم تكن الشهرة غايتي، لأنّ شهرتي كانت قبل ظهور عالمي الفايسبوك واليوتيوب”.
وختم بالقول: “تعرّضتُ للعديد من الشكاوى والتهديدات المباشرة والغير مباشرة، نتيجة تلك التسجيلات على صفحتي”.

أما مصلح سري الدين، صاحب الانتقادات السياسيّة اللاذعة، والتي كان ثمنها سجنه لمدّة أربعة أيام على خلفيّة تسجيل عبّر من خلاله عن تهديده للنائب نقولا فتوش. وقد شرح في حديث لـ”العربي الجديد”: “إنّ هذه التسجيلات ظاهرة جديدة أثبتت نجاحها المصحوب بالمخاطرة الناتجة عن تحديد الأسماء بشكل مباشر وتوجيه الانتقادات اللاذعة والتهديدات المبطّنة بالصوت والصورة”. مضيفاً: “دخلت عالم الفيديوهات، لأنّ الكتابة أصبحت مهجورة إلى حد ما وذلك منذ عام 2010، حيث كان الربيع العربي محور تلك التسجيلات، إلاّ أنّ كثرة الأحداث التي وقعت في لبنان، أجبرتني أن أدخل المعترك السياسي اللبناني”.

من جهته، فإن جميل بزي، الذي اشتهر على موقع “فيسبوك” بوسم “#إم_كشة” وبفيديوهاته النقديّة الاجتماعيّة الساخرة والذي حصد في أقل من شهرين حوالي 11000 متابع لتسجيلاته، يؤكّد “أنّ التفاعل الإيجابي الذي توصّلتُ إليه دعمني وجعلني أستمر، فضلاً عن الرسالة الاجتماعية التي أقدّمها بعيداً عن عالم السياسة والنزاعات الطائفيّة وغير ذلك”. وعن سبب خوضه هذه الغمار، علّق بزي: “الآراء المدوّنة لا تصل إلى الجميع كالفيديوهات، فهي لا تعبّر عن الرأي بالشكل والسرعة المطلوبة، بعكس التسجيلات، ويعود ذلك لغريزة الحشريّة عند الناس، وقد ألجأ أحياناً إلى المبالغة لاستقطاب مشاركة أكبر”.

أما صاحب صفحة “تيتا محاسن”، هاني ياسين، فيقول: “هدف الصفحة يعود لتكريم الجدّة وإظهار قيمتها الاجتماعيّة، والدافع الرئيسي لقيامي بذلك هو إظهار مدى حبّي واحترامي لجدتي وتكريس الشق الاجتماعي من ذلك”.

وتشرح اختصاصيّة علم النفس العيادي، ريما الجزائري، في حديث لـ”العربي الجديد”، “ظاهرة التسجيلات الجديدة هي مواكبة للعصر، فالناس لديهم شغف في توصيل الفكرة أو الموضوع بهذه الطريقة، أما المغالاة إذا دلّت على شيء، فهي تدل على نرجسيّة صاحبها”.

وتختم الجزائري بأنّ “الثقة بالنفس باتت مرتبطة بأهواء الآخرين وانطباعاتهم على ما يرونه من تسجيلات، وبالتالي تقع على عاتقهم مسؤولية انتقاء الأفكار والآراء والتعبير عنها بدقّة وبأسلوب ملائم لتحصد إعجاب المستخدمين، ما يولّد لديهم شعوراً بالفخر لما قد يحصدونه من إعجاب أو عكس ذلك كالشعور بالإحباط، وقد يدفعهم الى أبعد من هذا الشعور إلى الفعل، كالانتحار مثلاً”.