“تلفزيون لبنان” عام على التغيير… فهل من جديد؟

::عمر قصقص::

دخل “تلفزيون لبنان” إبّان الحرب الأهلية غرفة الإنعاش، فتنفّست شاشة الوطن اصطناعيّاً عبر مسرحيات ومسلسلات وبرامج قديمة العهد والمضمون، ولم تكن ترضي تطلعات المشاهد اللبناني والعربي على حد سواء، مثل “الدنيا هيك” و”أبو ملحم”، ومسرحيات شوشو، التي عرضتها القناة مراراً وتكراراً حتى أصبحت مصدر سخرية وانتقاد ضدها.

وبعدما تسلل إلى أروقته الصدأ والاهتراء، لمعت شرارة الأمل في 2 أبريل/نيسان 2014 وخلع “تلفزيون لبنان” رداءه البالي، ونهض بحلّة جديدة عبر شبكة برامج متنوّعة غنيّة بالوجوه والمواهب، إلى جانب التغيير الجذري للديكور العام، وصولاً إلى شعار المحطة. وذلك كله بهدف ضخّ الدم في العروق اليابسة لمحطة بدأت تعاني سكرات الموت.

عام على الحلة الجديدة

حلّة جديدة أعادت الحياة إلى الشاشة الباهتة، بعدما كانت آخر محطة في العالم تعمل بالنظام التناظري أو الأنالوغ، في مقابل كلّ المحطات التي تعمل بالنظام الرقمي أو الديجيتال. فأدّى ذلك إلى تحسين نوعيّة الصورة بالاعتماد على نظام “فايبر أوبتيك”، بالإضافة إلى شريط إخباري متجدّد وشعار استُحدث خصيصاً يحمل لونَي العلم اللبناني الأحمر والأخضر.

طلال المقدسي: تلفزيون لبنان ليس منافساً على الساحة اللبنانيّة أو العربيّة أو العالميّة

كما تمّ افتتاح استديو أخبار عصري، وآخر للبرامج السياسيّة والترفيهيّة بتقنيات متطوّرة. إلى جانب برامج حواريّة سياسيّة وتربويّة ورياضيّة وأخرى ترفيهيّة؛ وذلك في إطار “العصرنة” لمواكبة الواقع الإعلامي المتطوّر.

عام على الحلّة الجديدة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين “تلفزيون لبنان” من المنافسة الإعلاميّة المحليّة والعربيّة؟ فكان الجواب على لسان طلال المقدسي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة التلفزيون الرسمي اللبناني، الذي أكّد لـ”العربي الجديد”، أنّ “تلفزيون لبنان ليس منافساً على الساحة اللبنانيّة أو العربيّة أو العالميّة، لأنّه تلفزيون الوطن ويترتّب عليه واجب توجيهي وطني على غرار القنوات الأخرى، أي التربية، والإرشاد، والتعليم والتوجيه… بالإضافة إلى لفت النظر العام إلى القضايا المحليّة المهمة من دون نقد أو هجوم على أحد أو انتقاص من كرامة أحد”.

أمّا في ما يتعلّق في التحسينات التي رافقت الانطلاقة، أوضح المقدسي أنّ “أهم الإنجازات التي قمنا بها هي تحسين الصورة والألوان، بعد تحويل المحطة من النظام التناظري أو الأنالوغ إلى النظام الرقمي أو ديجيتال “الفايبر أوبتيك”، بالتعاون مع شركة “أوجيرو” بتكلفة لا تتعدى عشرة آلاف دولار، بينما كانت العروض المتوفرة باهظة الثمن… وهي “يو أهش إف” أو “في أهش إف”، والتي تعمل عليها جميع المحطات اللبنانيّة اليوم”. مضيفاً “عندما استلمت قمنا بتأهيل 15 برج إرسال من أصل 19، فأصبحنا نغطي أغلبيّة الأراضي اللبنانيّة، وعندما

أهم الإنجازات هي تحسين الصورة والألوان

” يحدث أي طارئ لأحد الأبراج نتلقّى مئات الاتصالات بفترة وجيزة من مناطق مختلفة كالهرمل ودير الأحمر البقاع وعكار… وهذا إذا دلّ على شيء يدلّ على ارتفاع نسبة المتابعة للشاشة؛ وهذا ما يُشعرني بالفخر ويكون وساما على صدري مدى الحياة”. ويتابع “كما أنّ المركز الرئيسي للمحطة الواقع في تلّة الخياط (بيروت) قد تمّ تأهيله بالكامل، وجُهّز بالمعدات ووسائل الإضاءة وفريق عمل مكتمل لمواكبة التطوّرات التقنيّة والذهنيّة الإعلاميّة الحديثة”.

إنتاج بدأ من الصفر

أمّا في ما يتعلّق بإنتاج البرامج، شرح المقدسي “لا نستطيع أن ننطلق من صفر إلى 100 بسرعة ملحوظة، فنحن نسير تدريجيّاً نحو الأفضل، ويظهر ذلك بإنتاجنا العديد من البرامج المتنوعة منها “كلمة حرّة، ست الدنيا، خوابي كلام، التحدي الكبير…” بالإضافة إلى الدراما الصينيّة المدبلجة إلى العربيّة؛ وهي خليفة الدراما المكسيكيّة والتركيّة والسوريّة”.

وعن فئة الشباب والبرامج الشبابيّة يؤكّد المقدسي “لا يمكن أن ينطلق أي تلفاز من دون برامج شبابيّة، فنحن اليوم بصدد إنتاج تسعة برامج جديدة لها تاريخ عريق بالتعاون مع شباب الجامعات، وستكون المشاركة لكلّ شاب أو شابة تحت سنّ الـ 25 سنة”.

وعن البرامج المميّزة أضاف المقدسي لـ”العربي الجديد” أنّ “برنامج “صباح لبنان” الذي يُبثّ من الساعة التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة ظهراً هو الأوّل في لبنان والثاني في العالم العربي بعدد المشاهدين وبتقدير المضمون، “وذلك وفق دراسة أجريت عبر الإنترنت”.

تطوير سريع للأخبار

ويشرح عن تطوير قسم الأخبار والنشرات الإخباريّة “استلمت الإدارة وكان جميع المراسلين والمحررين يكتبون باليد، وقسم الأخبار خالٍ من الحواسيب، ولا يوجد تلفاز لتتم عملية الرصد، واستطعنا خلال أربعة أشهر من الانتقال إلى نظام “الاي نيوز” وتزويد قسم الأخبار

المعدّات المتوفّرة في القناة لم تخوّلها للوجود الإلكتروني

” بالكمبيوترات اللازمة، للتعامل مع المراسلين ومسؤول النشرة والمدير وجميع المتخصصين في العمل الإخباري”.

أمّا عن الموقع الإلكتروني الرسمي للمحطة ومواقع التواصل الاجتماعي ختم طلال المقدسي حديثه لـ “العربي الجديد”، “المعدّات المتوفّرة في القناة لم تخوّلنا للوجود الإلكتروني، إلا أنّنا قطعنا مرحلة كبيرة بهذا الموضوع، ونقوم اليوم بورشة عمل ضخمة؛ وذلك يتطلب مجهودا تكنولوجيا ضخما وفريق عمل مختص، وهذا من أهدافنا المستقبليّة الملحّة”.

عودة شذا عمر

وعادت الإعلاميّة شذا عمر إلى الشاشة الصغيرة من خلال “تلفزيون لبنان”؛ وذلك في 30 أبريل/نيسان 2014 في برنامج سياسي جديد؛ وهو “الكلمة الحرّة” حيث تستضيف سياسيين حاليين أو سابقين، من جميع الأطراف والتيّارات والأحزاب.

وقد أكّدت شذا بدورها لـ “العربي الجديد” أنّ “ما شجعني على الانضمام إلى فريق عمل “تلفزيون لبنان” هو كونه شاشة للبنانيين كافة، حيث يمكنني ممارسة الموضوعيّة من دون أي

شذا عمر: تلفزيون لبنان لم يضع خطوطاً حمراء للعمل

” محسوبيات سياسيّة أو دينيّة، وبعيدة عن الحرب الإعلاميّة بين القنوات”.

وعن المنافسة أوضحت أنّ “المنافسة شديدة لأنّ يوم عرض البرنامج هو يوم الأربعاء، حيث نجد العديد من البرامج السياسيّة على قنوات أخرى، في حين ترتفع نسبة المشاهدة الخاصة ببرنامجي، وألاحظ ذلك عبر التفاعل الجيد على مواقع التواصل الاجتماعي”.

أمّا عن الخطوط الحمراء تختم شذا حديثها لـ “العربي الجديد” بالقول “تلفزيون لبنان لم يفرض أي اسم لضيف، ولم يضع خطوطا حمراء لعملنا؛ بل لدينا الحريّة الكاملة في استقبال الضيوف وطرح المواضيع ونقاشها بحسب الحدث”.