::عمر قصقص::
يتصدر لبنان قائمة الدول الأكثر نشاطاً على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل خاص “فيسبوك” و”تويتر”، فلم تعد الأحداث والجرائم، حكراً على نشرات الأخبار والبرامج. فتأثير الحدث، فرض على الدولة تواجداً فعّالاً لها على تلك المواقع، لخلق مساحة من النقاش والتفاعل، كونها جزءا من المجتمع.
والواضح أن التفاعل الإلكتروني، بات يحفّز الأجهزة الأمنية اللبنانية على التحرك، حيث تصل المطالب على المواقع الافتراضية إلى أعلى المستويات، نتيجة تفاعل يُعد بعشرات ومئات الآلاف. فلا يمكن تجاهل نقاشات ومطالب اجتماعية على موقع للتواصل، وأن تُخفى مشكلة يضج بها البلد. وعليه، يمكن القول إنه منذ العام 2012، أصبح الناشطون على مواقع التواصل بمثابة نواب في “برلمان شعبي”، يراقبون ويؤثرون على القرارات في لبنان، ولا سيما بعدما بلغ عدد الناشطين على “تويتر” في لبنان، أكثر من 200 ألف شخص، فغدا منبراً اجتماعياً لمناقشة أي حدث يطرأ على البلد.
قوى الأمن الداخلي
كانت قوى الأمن الداخلي رائدةً على هذه المواقع. وعن الهدف من ذلك، يقول المسؤول عن الموقع الرسمي لقوى الأمن الداخلي المقدم جوزيف مسلّم لـ “العربي الجديد”: “يعود السبب الرئيسي لتواجدنا على مواقع التواصل، هو التفاعل، وتعزيز الثقة، وتوعية المواطنين عبر الإرشادات واستقبال الشكاوى”.
ويؤكد مسّلم أنّنا “انطلقنا بمشروع صغير ووصلنا إلى غرفة عمليات متكاملة، تحاكي الشباب، الذين يشكلون حوالي 75 في المائة من مواقع التواصل، فهم يتابعوننا، ويراقبون أعمالنا بدقة”.
ويشير المقدم إلى أنّ أبرز إنجازاتهم كانت “من خلال معالجة الشكاوى المرسلة إلينا فضلاً عن حملات التوعية والإرشادات عبر وسوم نطلقها على موقع “تويتر”، كوسم “#هل_تعلم”، الذي ننشر عبره يومياً، تغريدات قانونية، لتوعية المواطنين. هذا بالإضافة إلى وسوم عدة، لحماية المراهقين في المنازل، والتوعية من الابتزاز الإلكتروني والمخدرات”.
كما أطلقت قوى الأمن الداخلي وسم “#شتي_يا_دنيي” لمساعدة المواطن في فصل الشتاء، عن طريق رصد لحركات الطرقات اللبنانية وخاصة الجبلية منها، وإشراك المواطن من خلال تبليغنا وإرسال الصور، عن أي طارئ قد يتعرضون له كقطع طريق أو انزلاق تربة أو جليد وغيرها”. ويكمل مسلّم حديثه قائلاً: “ولعل أهم ما وصلنا إليه من تواجدنا عبر هذه المواقع، معالجة أغلب الشكاوى التي وردتنا من كل حدبٍ وصوبٍ، وعلى رأسها مخالفات السير والعنف الأسري ومتابعتها مع الإدارات المعنية، ومن ثم اطلاع الرأي العام على ما توصلنا إليه من حلول. ولا نغفل دور المواطن في المساعدة على كشف العديد من الجرائم”، يقول المقدم.
ويذكّر مسلم بأن قوى الأمن الداخلي تستقبل الشكاوى “بحق أي عنصر من عناصرنا عبر موقعنا وسائر مواقع التواصل، حيث نأخذ كل التدابير اللازمة بحق العنصر المخالف”، يؤكد مسّلم للـ “العربي الجديد”.
وختم حديثه بالقول “إن وجود قوى الأمن على هذه المواقع لم يعد خدمة إضافية فقط، بل تعداه إلى كونه “خط ساخن” يربط الجهاز بالمواطن وبالعكس، تحت شعار جديد هو “رضى الوطن ورضى المواطن”.
التحكم المروري
يعتمد اللبنانيون اليوم على غرفة التحكم المروري لمعرفة حال الطرقات حول البقاع اللبنانيّة، وخاصّة في بيروت. ويأتي التحكم المروري لينخرط في موكب التكنولوجيا بمراكز متقدمة، خلال فترة لم تتعدّ السنة الواحدة، ومن مهامه، الحرص على السلامة المرورية والحد من زحمة السير والتنسيق مع شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي.
وجاء في حديث النقيب خليل مكرزل المسؤول عن مواقع التواصل الاجتماعي للتحكم المروري ــ فيسبوك وتويترــ للـ “العربي الجديد”، “إن الثقة التي اكتسبناها نتيجة التفاعل مع المواطنين عن طريق إيجاد حلول لمشاكلهم اليومية، والتي تُعنى بالسلامة المروريّة.
أما عن شهرتنا عبر مواقع التواصل كانت لسرعة التفاعل والمعالجة السريعة للعديد من القضايا، فضلاً عن إعلام المواطن بذلك”. مضيفاً، “نحن نقوم يومياً بحملات توعية، تتناول احترام قوانين السير، وكيفية التجاوز السليم للتقاطعات والمستديرات، فضلاً عن التقيّد بإشارات السير وحزام الأمان”.
أما عن تفاعل الناس، يؤكد النقيب مكرزل “إنه الدافع الأساسي لتغيير عمل “غرفة التحكم المروري” المتواجدة على مدار الساعة، حيث أصبح المواطن هو العين الساهرة على ما يحدث من تجاوزات ومخالفات في الشوارع، واطلاع عناصرنا بذلك، عندها نسعى لملاحقة المخالفين، ومتابعة هذه التجاوزات مع الأجهزة المختصة، وخير دليل على ذلك ارتفاع عدد المتابعين لحسابنا على تويتر من 5 آلاف إلى 73 ألفا”.
ويعود الفضل في محاربة بعض الظواهر الشاذة على الطرقات، “كالسيارات التي تمشي بلا لوحات، سيارات الأجرة ذات النمرة البيضاء” إلى المثلث الأمني “التحكم المروري، شعبة علاقات العامة والمواطن” حيث أصبح المواطن شريكا في أمن وطنه، هذا وشكل لديه دافعاً لمضاعفة الجهود لدى العديد من عناصر قوى الأمن والشركات التابعة للدولة، البلديات، الصليب الأحمر والدفاع المدني، يضيف مكرزل للـ”العربي الجديد”.
والجدير بالذكر، أنّ غرفة التحكم المروري كانت أوّل جهاز تابعٍ للقوى الأمنيّة اللبنانيّة ينخرط مع اللبنانيين على وسائل التواصل، فأصبح اللبنانيون بمثابة “صحافيي طرقات”، إذ إنّهم يُبلغون الغرفة على “تويتر” بزحمة الطرقات التي يتواجدون عليها.
الأمن العام
يعتبر الأمن العام من أقدم الأجهزة وجوداً في عالم الإنترنت وذلك بموقعه الإلكتروني الذي أنشئ عام 2001، والأجدد على مواقع التواصل الاجتماعي إذ بدأ نشاطع قبل حوالي 5 أشهر. والتي أصحبت بدورها مرجعاً للعديد من المواطنين الذين يلجأون إليها للاستعلام عن أي معاملة تابعة للمديرية العامة للأمن العام، والذي بدوره أعطى أهمية كبرى لمواقع التواصل الاجتماعي لتسهيل حياة المواطنين، بحسب ما أفاد المكتب الإعلامي للمديرية للـ”العربي الجديد”.
“ومع انتشار العديد من الجماعات الإرهابية التي تبث الكثير من المعتقدات الخاطئة في مجتمعاتنا وتعمل على إشعال الفتن الطائفية والمذهبية على مواقع التواصل، برز دور أمني ومعلوماتي مهم للمديرية العامة للأمن العام في وجه تلك الجماعات”، يؤكد المكتب.
مضيفا، “المديرية العامة تتقبل الشكاوى والنقد البناء بسعة صدر، كما تحاول الاستفادة منها لمعالجة بعض الثغرات التي قد تطرأ على مراكز الأمن العام، وذلك نتيجة الضغط الهائل في العمل الناتج عن العدد الكبير من المعاملات الذي تنجزها يومياً”.
الجيش اللبناني
بعد محاولات عدة للـ”العربي الجديد” للتواصل مع مديرية التوجيه في الجيش اللبناني لسؤالهم عن الموضوع، لم نتلق أي ردٍ على ذلك.
هذا، علماً أن الجيش اللبناني، قد قام بحملة على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، من خلال فيديوهات مذيّلة بوسوم، ونشر صور لجنود يحملون البندقية كتب عليها #أنا_متطرف #أنا_متعصب #أنا_متشدد…وذلك للتأكيد بأن الجيش منحاز للبنان دون غيره، فيما جاءت رداً على ما تشنه الجماعات الإرهابية من حرب إلكترونية على المؤسسة العسكرية.