::عمر قصقص::
يعيش اللبنانيون ما يسمى بـ”حرب الأعصاب” وذلك لكثرة الأحداث الأمنيّة والسياسيّة الى جانب تصاعد وتيرة الأخبار العاجلة عبر التلفزيون والهواتف والمواقع الإلكترونيّة ومواقع التواصل الاجتماعي. وقد تبلغ سرعتها لمح البصر، وتكاد لا تخلو هذه الأخبار من الخطأ الناتج من التهافت الإعلامي للحصول على ما يسمى بالسبق الصحافي.
لعلّ آخر الأخبار المغلوطة كانت “القنبلة الصوتيّة” التي انفجرت في مدينة صيدا الأسبوع الماضي. فما هي إلا دقائق حتى بدأت الأخبار العاجلة عن الحادث تنهمر على اللبنانيين من كلّ حدب وصوب، ما أدى الى وقوع بعض وسائل الإعلام اللبنانيّة والمستخدمين على وسائل التواصل في شرك الأخبار الغير دقيقة التي أحدثت توتراً في الشارع.
ونقلت بعض الوسائل، “سماع دوي انفجار في مخيّم عين الحلوة وأنباء عن استشهاد مواطنين ووقوع عدّة اصابات”، في حين أكّد البعض الآخر أنّ “انفجار سيارة مفخّخة بالقرب من حسينيّة في حارة صيدا”، ولم تقف عند هذا الحد فقد نشر العديد من الناشطين صورا للانتحاري المزعوم في تفجير صيدا.
ومن تجاوزات الإعلام المغلوط في تغطيته لتفجير الهرمل قبل أشهر، حين أقدمت قناة “الجديد” على نشر خبر مفاده “معرفة هوية الانتحاري المزعوم” الى جانب ذكر اسمه وصورة له. علماً أنّ فحوص الحمض النووي التي أخذت للأشلاء وقورنت مع الوالدة جاءت بنتيجة سلبيّة.
أما قناة “المستقبل” فقد استهلّت نشرتها “بشريط لطفل في مخيّم المرج في البقاع وهو يتسلّق عمود كهرباء متحدّياً رفاقه وعندما استطاع الوصول الى القمة صعقه التيار الكهربائي وهوى أرضاً”. وقد أحدث ذعراً في مخيّمات البقاع ليظهر فيما بعد أنّ الشريط من ليبيا، ولا علاقة له لا بالمخيّمات ولا بلبنان.
قناة LBCI التي نشرت خبراً شكّل بذاته انفجاراً معنوياً لأهالي مخطوفي إعزاز قبل أكثر من عام حين أقدمت القناة على اعلان خبر استهداف مقرّ المخطوفين اللبنانيين في إعزاز السورية. وهو ما أدّى الى مقتل الأسرى جميعهم، ما دفع بأهالي المخطوفين بالنزول الى الشارع والاعتداء بالضرب على العمّال واللاجئين السوريين.
بالإضافة الى الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها كلّ من قناتي “المنار” والـ “أو تي في” حول نشر العديد من التسجيلات خلال تغطيتهما للاشتباكات في سوريّة ليتبيّن فيما بعد أنّها صور لأحداث جرت في حرب العراق.
أكّد رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، عبد الهادي محفوظ، في مقابلة له مع “العربي الجديد”: “المشكلة التي تقع فيها وسائل الإعلام اللبنانية هي المصدر الإلكتروني الذي تنتقي منه أخبارها، هذا الى جانب اعتمادها مبدأ “الفبركة” لتصبح أهمّ عوامل لاستقطاب المواطنين وشركات الإعلان مما ينعكس سلبا على المجتمع ككل”.
ويضيف: “عقدنا اجتماعاً مع رؤساء التحرير في المواقع الإلكترونيّة لتجنب السرعة والأخبار المغلوطة في عرض الأحداث وإن وقع ذلك فيجب الإسراع في دحضه والاعتذار عن ذلك”.
وعن القانون الجديد الذي ينظّم العمل الإعلامي، يقول إنّه سيعالج هذه المشكلة، حيث سيتمكن من تخطّي موافقة مجلس الوزراء الذي يخضع لضغوطات سياسيّة في أغلب الأحيان لتكون السلطة التتنفيدية في يدّ المجلس الوطنيّ للإعلام، حيث سيقوم المجلس بمعاقبة مرتكبي الخطأ.