::عمر قصقص::
بعد الغموض والسريّة التي أحاطت بالشخصيّة الأمنيّة الإيرانيّة، قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ها هي إيران تكشف عن شخصيّة هذا “القائد” الغامض لشدّ الأنظار حول الدور العسكري المباشر للجمهوريّة الإسلامية الإيرانيّة في الأزمات السوريّة والعراقيّة واليمنيّة. فأضحى سليماني محط أنظار الإعلام العالمي المرئي والمكتوب. واعتبر هذا التحوّل جذرياً في الإستراتيجية الإعلامية الإيرانيّة.
منذ أشهر، لم يعد هناك حاجة إلى التعريف بهذا الرجل، فكل المعلومات عنه متداولة بشكل واسع في مختلف وسائل الإعلام العربية والغربية. المتتبع لصور سليماني يجد أنّها أصبحت أكثر وضوحاً وتعكس أكثر الواقع القيادي الذي يمارسه على الجبهات، فبعد أن كانت تلك الصور محصورة بفيديوهات مؤرشفة من مناسبات عامة تشهد على ظهوره بشكل خاطف وسريع، أصبحت صوراً خاصة تُظهره بشكل واضح وعالية الجودة، كظهوره أثناء قيامه بجولة تفقديّة على مواقع تتمركز فيها مليشياته الخاصة في العراق وسورية.
يظهر سليماني مبتسماً لعدسات المصوّرين معانقاً الجنود والمقاتلين الإيرانيّين والعراقيّين والسوريّين الموجودين على الأراضي العراقيّة والسوريّة. وفي تسجيل آخر يظهر وهو يقوم بزيارة الأضرحة التي ضمّت قتلى “حزب الله” إلى جانب القيادي “عماد مغنيّة” ونجله الذي سقط في القنيطرة السوريّة، وقد تداول هذا التسجيل عدد من وسائل الإعلام. إلى جانب ما سبق هناك عدد من الفيديوهات التي انتشرت على موقع “يوتيوب” يظهر فيها هذا الرجل وهو يرقص فرحاً إلى جانب عدد من المسلحين العراقيين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش العراقي والبشمركة الكردية ضد تنظيم “داعش” في بلدة آمرلي.
ويظهر الجنرال الإيراني في فيديو آخر مع ضباط الحرس الثوري الإيراني في مطار تكريت العراقيّة خلال استعراض عسكري لمقاتلي المليشيات، حيث ألقى كلمة بالمحتفين أكّد فيها استمرارية القتال ضد “داعش” والعمل على دحره.
ومن الواضح أنّ الدعاية الإعلاميّة لسليماني كانت وفق مخطط القيادة الإيرانيّة تهدف إلى جعله الشخصيّة الإيرانيّة المواجهة لأمير الدولة الإسلامية في العراق أبو بكر البغدادي. وهذا ما أكّده كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله خلال مقابلة تلفزيونيّة حين ردّ ساخراً عن سبب تقهقر وتراجع النفوذ الداعشي في سورية والعراق، فقال: “هل تعتقدون أن قوات التحالف هي من أوقف تقدم داعش؟” مشيرا إلى دور كلّ من سليماني والجمهوريّة الإيرانيّة في الحدّ من سيطرة وتوسّع داعش في المنطقة.
ولم تقتصر الدعاية الإيرانيّة لسليماني على الصور والتسجيلات، بل رافقتها أناشيد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تكرّس فكرة “البطل” عبر وصفه بأنّه “قاهر داعش والنصرة” وقد أدّى هذه الأناشيد العراقي شاكر العبودي واللبناني علي بركات.
أمّا الأناشيد الثوريّة السابقة فقد كانت تعظّم رجلا أو موقفا أو مبدأ، وغدت مع قاسم سليماني تجسّد لنا بطولات ومهام قام بها قاسم مع مليشياته بشكل علني، على غرار ما فعلت “داعش” و”النصرة” من توظيف لكلّ العناصر الإعلاميّة المتاحة من صورة وموسيقى وكلمات لخدمة أغراضها.