يلجأ الناشطون والناشطات، في الكثير من الأحيان، إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتنفيس عن غضبهم، بعد أن غدت هذه المواقع المساحة الوحيدة للجيل الشاب للتعبير عن أفكارهم وآرائهم. إلا أن اللبنانية رنين حرب اختارت “فيسبوك” لأمر آخر وهو مساعدتها في الشفاء من مرض السرطان.
الشابة رنين استطاعت أن تسيطر على المرض الخبيث بمعنويات عالية، بعد أن اكتشفته في أوائل شهر شباط/فبراير 2017. فلقّبت نفسها “Cancer Fighter”، أي مقاتلة السرطان، وقررت أن تخرج على مواقع التواصل وتصارح أصدقاءها على حسابها الشخصي وصفحتها التي أنشأتها بهدف التسلية، بهدف المشاركة ورفع معنوياتها والتعايش مع الواقع المرير، علّها تعيش مع أصدقائها بعض لحظات السعادة.
يوم أمس كان يوم النصر بالنسبة للشابة رنين، إذ كانت الجلسة الأخيرة التي انتهت بنجاحها في قتل هذا المرض الذي يفتك بآلاف الأشخاص سنوياً. وفي مقابلة مع “العربي الجديد”، قالت حرب إنّ “الإصابة كانت في الغدد اللمفاوية، إذ اكتشفت المرض أوائل شباط، بعد أن أخذ الطبيب المختص خزعتين إلى جانب الفحوصات والصور، وكانت أول جلسة علاج كيميائي في 23 آذار/مارس وآخر جلسة في 12 أيلول/سبتمبر”.
وعن لجوئها لمواقع التواصل الاجتماعي، تقول: “السوشال ميديا جزء مني، إذ بدأت، منذ 6 سنوات تقريبا فيها، بإحدى الصفحات، ثم فتحت صفحة ثانية خاصة بي، وأعمل على زيادة عدد الإعجابات عليها”، مضيفة: “فيسبوك كان طريقي الوحيد ليرفع من معنويّاتي وأغير جو الكآبة الذي يمر به كل إنسان، ولأني شخص أجلس في البيت كثيرا فكان متنفسي الوحيد تقريبا”.
خلال جلسات العلاج الكيميائي، دعم رنين الكثير من الأصدقاء والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تقول: “تواصلت مع الكثير من الأشخاص داخل وخارج لبنان الذين دعموني كثيرا، والذي لم يستطع الوقوف إلى جانبي تذكّرني بدعواته، وهذا الأمر لم ولن أنساه في حياتي، لأنه من المفرح أن ترى أشخاصا لا تعرفهم يقفون إلى جنبك ويتذكّرونك حتى لو بكلمة صغيرة”.
أما عن المضايقات، فتضيف: “تعرّضت لمضايقات كثيرة، خاصة عندما كنت أظهر على “الفيسبوك لايف”، لكن بعد معرفة قصتي اعتذروا. كما لجأ بعض الناشطين إلى الحسابات المزيفة كي يرسلوا لي رسائل تجرحني مثل “ما تستغلي مرضك لتشفقي الناس عليكِ”، ولكن في الحقيقة لم أفكر دقيقة في الأمر، لأن هدفي ليس الشهرة، وإلا كنت وضعت اسمي على كل صورة أحمّلها على صفحتي”.
مضيفة: “السوشال ميديا أراحتني كثيرًا ورفعت عنّي الهم، لأن هناك الكثير من الأصدقاء واسوني ووقفوا إلى جانبي، وأنا لم أتخلَّ عن هذا الشيء أبداً. من الممكن أن يكون “فيسبوك” مضيعةً للوقت عند الناس الذين لا يعرفون استغلاله، لكن عندما رأى أهلي النتيجة تغيّرت نظرتهم للموضوع”.
وعن الأمور التي رفعت معنويات رنين، قالت “هناك الكثير من الأمور التي ريّحتني، خاصة من النّاس الذين وقفوا إلى جانبي، أوّلهم أهلي الذين دائماً جرّبوا أن يزرعوا البسمة على وجهي”.
وختمت رنين بالقول: “صفحتي هي عبارة عن مساحة للتعبير عن مشاعري، فكنت أحمّل عليها النكت وأضحك مع الأصدقاء، ولديّ صفحات أخرى كـ Quotes وغيرها، ساعدوني أيضاً في المنشورات الإيجابية التي تُحمّل عليها”، مضيفة: “البعض لن يصدّق، لكن للسوشال ميديا دور أساسي في تحسين معنويّاتي، طبعاً مع ذكر الله وصلوات الجميع، فاستطعت إكمال سنتي الدراسية الجامعيّة وتخرّجت وانتهيت من المرض”.
عمر قصقص – العربي الجديد