لبنان قبلة الدراما؟

::عمر قصقص::

تنعكس الأزمات الأمنيّة والسياسيّة والاجتماعيّة التي تشهدها العديد من الدول في العالم العربي سلبياً على لبنان، فنشاهد ارتداداتها الأمنية والسياسية والاقتصادية على هذا البلد الصغير. إلا أن هناك إيجابية وحيدة. هذه الإيجابية تطال بشكل شبه وحيد عالم الفن، وتحديداً المسلسلات والدراما اللبنانية. إذ بسبب هذه الأزمات أصبح لبنان محطة لتصوير المسلسلات الرمضانية، وذلك بعدما أُجبر عدد من الممثلين والمخرجين والمنتجين على أن يتجهوا إلى مكان آمن بإمكانهم العمل فيه. وهذا ما ظهر خلال العام الماضي، وتجسّد بشكل أكبر في العام الحالي وخلال التحضير للموسم الرمضاني المقبل.

إذ هذا العام سيظهر ذلك بوضوح خلال شهر رمضان، فهناك عدة مسلسلات أنتجت وصورت في لبنان منها: “24 قيراط”، و”تشيللو” و، “بنت الشهبندر”… ومسلسلا “العرّاب” و”سفينة نوح” اللذان تم تصويرهما بين لبنان وأبو ظبي… وغيرها من الأعمال الدرامية.
ولكن اللافت في الموضوع أن هناك مسلسلات قصتها سورية بحتة أو عربية صورت على الأراضي اللبنانية كمسلسل “بنت الشهبندر” الذي سيعرض على قناة “المستقبل” خلال شهر رمضان المقبل.

المنتج المسؤول لبرامج تلفزيون “المستقبل” رولان بربر الذي كان حاضراً في كواليس أغلب المسلسلات أثناء التصوير في لبنان، يشرح في مقابلة مع “العربي الجديد” أنّ “لبنان هو المستفيد الأول هذا العام من الأزمات العربية وخاصة السورية، وهذا الانطباع موجود لدى عدد كبير من الممثلين العرب والسوريين المتواجدين في لبنان بالإضافة الى المنتجين للأعمال الدراميّة أي أسرة الإنتاج”. مضيفاً: “إذا نظرنا إلى المسلسلات الجديدة نجد أنّ هناك مسلسلات مخرجوها سوريون ومنتجوها لبنانيون وبعض ممثليها سوريون ولبنانيون ولكن صوّرت على الأراضي اللبنانية. ووجود الوجه السوري في المسلسلات اللبنانية يجب أن يكون له مبرر لدى المشاهد، فمن هنا أتت القصص التابعة للمسلسلات، فأخذ ذلك بعين الاعتبار كمبرر لتصوير مسلسل “بنت الشهبندر” في لبنان، فأتت قصته أن هناك نزوحاً من دمشق إلى بيروت في زمن العثمانيين وذلك لتبرير التصوير”.

وجوه عربية
أمّا عن الأعمال اللبنانية ــ السورية المشتركة وانعكاساتها على الدراما اللبنانية، فيقول بربر: “التعاون وتطعيم الإنتاج اللبناني بالوجوه السورية له انعكاسات إيجابيّة على الدراما، وقد ساهم ذلك في تحويل الدراما اللبنانية إلى دراما عربية، كما أن وجوه الأبطال في الأعمال المشتركة أصبحت مألوفة عند المشاهدين كعابد فهد مثلا، فمنذ عامين إلى الآن بات وكأنه ممثل لبناني، ومكسيم خليل وقصي خولي، بالإضافة إلى أن اللهجة اللبنانية قريبة إلى اللهجة السورية، على عكس اللهجة المصرية البعيدة عن لهجتنا، وهذا يؤدي إلى صعوبة تبريرها في المسلسلات، بالإضافة إلى أن الحجج والتبريرات بين اللبنانية والسورية أكبر وأوسع كالهجرة من سورية إلى لبنان إلخ..”.

وعن المنافسة بين الأبطال اللبنانيين والسوريين يعلّق: “ما لا يمكن نفيه أنّ هناك منافسة جدية بين أبطال الصف الأول من اللبنانيين والسوريين، فهناك ممثل سوري محترف عليه أن يواجه ممثلاً محترفاً مثله، وهذا التنافس الإيجابي ساهم في نجاح العديد من المسلسلات كـ”روبي” وغيره. ولابد من التذكير بأن المسلسلات اللبنانية اكتسحت الأسواق المحلية بعد أن تفوق عدد مشاهديها على المسلسلات المصرية والتركية على الصعيد اللبناني”. وختم بالقول: “سيكون هناك مسلسلات ممتازة بعد رمضان، وأتصور أن التعاون السوري اللبناني في الدراما سيستمر لسنة أو سنتين”.

الأزمة السورية والدراما اللبنانية
أمّا المنتج اللبناني مفيد الرفاعي فأكّد في مقابلة مع “العربي الجديد” أن “الأزمة السورية لم تؤثر على الدراما اللبنانية إلاّ أنّ المنتجين عادوا إلى إنتاج الدراما اللبنانية ونهضوا بها”. مضيفاً: “سبب نهوض الدراما اللبنانية ليس وجود مشكلة أمنيّة في سورية، بل هناك منتجون لبنانيون عادوا من الخارج إلى لبنان فنهضوا بالدراما اللبنانية. وفي نفس الوقت الدراما السورية لم تتأثر بالوضع السوري بطريقة سلبيّة بل بطريقة إيجابية، فارتفع مستوى الدراما السورية لأنه بات هناك مواقع تصوير أفضل وظروف إنتاجية أفضل في لبنان”.

هناك منافسة جدية بين أبطال الصف الأول من اللبنانيين والسوريين

وعن استفادة لبنان من الأزمات العربية يضيف: “من وجهة نظري بات هناك حركة درامية جديدة لكن لا شيء تغيّر لأنّ لبنان يستفيد من المسلسلات والأفلام منذ عام 1960، فصباح وفيروز وفريد الأطرش جميعهم كانوا يصورون في لبنان”.

المنافسة بين الجنسيات
وعن الأعمال اللبنانية ــ السورية المشتركة والمنافسة بين الأبطال اللبنانيين والسوريين يقول: “في الفترة الأخيرة أصبح مستوى الإنتاج عالياً فاضطررنا إلى القيام بأعمال مشتركة لأن الأبطال في لبنان عددهم محدود، وهذا الأمر أفاد الدراما والإنتاج، لذلك دخلنا بوابة الدراما العربية”. مضيفاً: “في لبنان ممثلون مبدعون كنادين الراسي ونادين نجيم وسيرين عبد النور وورد الخال ويوسف الخال وغيرهم، ونحن كمنتجين، مهمتنا أن نفتح المجال أمامهم، لكن في نفس الوقت الممثل اللبناني يستفيد من الممثل السوري الذي سبقه من حيث الخبرة”.

وحتى الساعة ينتظر الجمهور العربي الدراما الرمضانية التي يبدو أن لبنان سيكون نجمها هذا العام، من خلال عدد لا بأس به من المسلسلات التي صوّرت مشاهدها في الشوارع والأحياء والمدن اللبنانية. لكن يبقى الحديث عن “نهوض الدراما اللبنانية” ورغم تفاؤل بعض المنتجين، غير حقيقي، إذ إن الدراما المحلية البحتة، وغير المشتركة لم تحقق انتشاراً عربياً حقيقياً باستثناء بعض التجارب التي لا يمكن تعميمها.

الانتشار للبطولة العربية
في وقت يزدهر فيه تصوير الدراما في لبنان، يبقى الانتشار الأكبر للأعمال الدرامية، التي يقوم بدور بطولتها نجوم مشتركون من مصر ولبنان وسورية، فيما تفشل المسلسلات اللبنانية، تحديداً في شهر رمضان، في الوصول إلى الجمهور العربي. وأبرز الأعمال المشتركة، هذا العام، “تشيللو”، بطولة نادين نجيم و”24 قيراط”.