الراب العربي وتحدّيات العودة إلى الواجهة

::عمر قصقص::

بدأ الناس بتسليط الضوء، عبر موسيقى الراب، على أوجاعهم وأوجاع غيرهم كالمخدرات والقمار والنرد والفساد. ومع انتشار ثقافة الراب في المجتمعات العربية، لاحظنا غياب عدد من الفرق عن الإعلام، فيما تكرر ظهور البعض الآخر في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية. ويقول مغني الراب بو ناصر الطفار لـ “العربي الجديد”: “الفن الذي نقدمه هو فن بديل وعكس السائد، فمن الطبيعي ألا تتلاءم معايير الإعلام السائد مع الذي نقدمه، وخاصةً في بلد مثل لبنان، فالإعلام فيه مثل كل شيء، هو إعلام طائفي وحزبي ويشكل جزءا أساسيا من النظام الذي نحاربه”.
ويضيف: “بتنا في عصر غدت فيه وسيلة الإعلام الأداة التي تسيّر الناس وتؤثر على طرق عيشهم ووعيهم، فتخيل أن القنوات ترفع متاريسها وتعزّز دشمها من الصباح حتى آخر الليل، لتُطوّع كلماتها لتشنّ الحرب على الطائفة الأخرى، وتقول لطائفتها إنها مظلومة ومستهدفة، بعد هذا كله هل تتصور أنهم قد يفتحون لنا المجال لنقول إنهم يكذبون وإنهم أدوات رخيصة بيد أصحاب السلطة؟”.
وعن تعامل الإعلام مع فرق الراب، يقول الطفار: “الإعلام الذي يقدم التفاهات الهابطة على أنها فنّ حقيقي، هو نفسه الذي يتعامل معنا على أننا ظاهرة، ومن ثم يأتي من أجل “سكوب إعلامي”، وحصل ذلك في حملة المطالبة بتشريع زراعة الحشيشة، أولانا الاهتمام لفترة، ثم عاد إلى التفاهات”.
ويختم بالقول: “معركتنا ضدّ الظلم والاستغلال التي تمارسه وسائل الإعلام هي معركةٌ لا تنفصل عن معركتنا ضد الظلم والاستغلال بشكل عام، لذلك نطوّر عملنا حتى إننا بتنا ننتج لأنفسنا دون الحاجة إلى شركات إنتاج ومن دون دعم إعلامي تجاري من أحد، بذلك لم نعد بحاجة تعديل كلماتنا وأشكالنا وموسيقانا ولهجتنا لتتناسب مع وسائل الإعلام وسياستها”.
من جهة أخرى يقول مغني الراب، عيسى نعمان، أحد أعضاء فرقة “من الآخر”: “شهدنا في الآونة الأخيرة ظهور العديد من الفرق؛ لأن الراب أصبح وسيلة تعبير عن الرأي وأداة لتحدي الظلم، ولكن ليس كل من كتب كلمتين ودمجهما مع لحن غربي Rapper، لأن الراب بحر واسع”.
وعن معايير الظهور في الإعلام والتنميط يشرح نعمان لـ “العربي الجديد”: “كي تظهر في أي برنامج، عليك أن تكون على علم بالعناصر الخمسة لفن “الهيب هوب”، وتراعي القضية وتفهم ما تكتبه، ذلك أنه مع نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، بدأ مستوى الراب بالتراجع، فأصبح الآن يمس بالدين والرب، بالإضافة إلى استخدام الكلام البذيء، ما جعل الناس تكرهه وتحتقره وتنفر منه، وأصبح كل من غنى راب بنظرهم إمّا عبدة للشيطان أو مخنث”.
ويختم عيسى: “وسائل الإعلام لم تهمش هذا الفن، بل على العكس ساعدت بانتشاره، بالإضافة إلى الحفلات المستمرة التي تقام في كافة المناطق والدول. استطعنا خلال 3 سنوات تغيير الفرق وقلب الموازين، وأعدنا لهذا الفن حقّه وحفّزنا المستمعين للعودة إلى الراب والهيب هوب الحضاري”.