::عمر قصقص::
تعاني أغلب المواقع الإلكترونية العربية في شهر رمضان من انخفاض حاد في عدد الزوار، وهذا يعود لأسباب عدة منها: عدم متابعة الصائمين لمختلف الأقسام، السياسية والفنية والاجتماعية لعوامل مختلفة.
لكن هذا العام أصيبت بعض هذه المواقع بمرض اسمه “جنون الترافيك”، وسرعان ما وجدت “الدواء الفاسد” لهذا المرض، عبر وضع العناوين “المثيرة” – “الكاذبة” لجذب الناس وإجبارهم على الضغط على رابط الخبر ومعرفة الموضوع كاملًا، عن طريق استغلال أحداث مسلسلات رمضان وتركيبها حقيقيًا على أسماء الممثلين والفنانين.
ولفّت هذه العناوين مختلف المواقع الإخباريّة العربيّة: “عادل إمام يدخل المستشفى بحال حرجة بعد الاعتداء عليه!”، “زوج هيفاء وهبي يهددها بنشر صور إباحية لها”… “لحظة اختطاف ابن أحمد السقا”، “نادين نسيب نجيم تدفع رجل الأمن بقوة أمام المواطنين”، ولكن يتبيّن لاحقا أنّه دور يجسده الممثل أو الفنان في أحد المسلسلات الرمضانية، وما هو إلا سيناريو مخرج ذلك المسلسل.
وما إن بدأ ماراتون المسلسلات الرمضانية حتى أصبحت هذه الأخبار مادةً لجذب أضخم عدد من مستخدمي الشبكة العنكبوتية حيث تتصدّر جميعها خانة الأكثر قراءة على أغلبيّة المواقع التي تداولتها ونشرتها، وهذا بالطبع يكفل للموقع الانتشار وكسب المال بسبب الإعلانات، لا النجاح، لأن لا قيمة لها سوى إرواء فضول القارئ وإثارة الجدل بين معجبي الممثل أو الفنان بالإضافة إلى تلاعب بمشاعر الناس وإحداث حالة من الرعب أو البلبلة.
الردّ على ذلك جاء قاسيًا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصةً من معجبي أبطال المسلسلات الذين وقعوا في فخ تلك العناوين والأخبار الكاذبة. اعتبر هؤلاء أنّ هذه المواقع فقدت المصداقية وأنها تجري خلف الإثارة المجانية لجذب القراء، فطالب بعض المستخدمين مدراء هذه المواقع بإزالة تلك الأخبار ومحاسبة كُتّابها لإنها قد تؤثر سلباً على سمعة الموقع ونفسيًا على أهالي الممثلين والفنانين ومعجبيهم وعلى المجتمع في بعض الأحيان.
وكان من اللافت ظهور الانتقادات اللاذعة التي لا تخلو من السخرية كتعليق أحدهم على أحد المواقع: “أنتم قمة في الصحافة الصفراء… للأسف اصفرّيت قبل ما اقرأ الخبر”. في حين علّق آخر بسخريّة “موقع فاشل فقط بيحتاج للمشاركات واللايك ويعتمد على الأخبار الكاذبة، وما تفوّلوا على هيفاء وبنتها بعيد الشر عنهما”.
السخرية الواسعة والانتقادات اللاذعة على مواقع التواصل قد تؤدي في بعض الأحيان إلى لفت نظر القارئ، والذي يكتفي أحيانًا بقراءة العنوان من دون التفاصيل، فتنتشر الشائعات بشكل واسع بعدها. كما توضح حجم الفجوة التي تزيد كل يوم بين هذه المواقع والمتلقي نتيجة استغلاله، وتدل على أنّ هذه الحيل التي تلجأ إليها المواقع باتت مكشوفة وواضحة، وأنّ الاهتمام واحترام عقل القارئ سيكونان الحل المناسب لهذه المشكلة. وإن كان النقاش سيبقى مفتوحاً لوقت طويل حول العلاقة الشائكة بين جذب القراء وبين المصداقية، وبين حق أي موقع اختيار العنوان الذي يراه مناسباً، شرط أن يبقى أميناً للخبر الصحافي الدقيق.