::عمر قصقص::
حتى الساعة لا يبدو مصير قناة “العرب” واضحاً، وسط تكتّم من قبل المؤسسة عن مستقبلها. وإن كانت أغلب الأخبار المتناقلة من أروقة القناة تؤكد أنها ستنقل مقرّها إلى بيروت لينطلق بثّها من جديد في شهر أبريل/نيسان المقبل، إلا أن ذلك كله يبقى في إطار التسريبات والتكهنات.
لكن أزمة قناة “العرب” وإقفال مقرّها في البحرين، بعد أقل من 24 ساعة على انطلاقها، فتح الباب أمام معركة أخرى. معركة قديمة، تجدّدت فصولها بعد أزمة فضائية “العرب” التي يملكها الأمير السعودي الوليد بن طلال. إذ عادت “المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال” (LBCI) إلى فتح النار بشكل واضح ومباشر على الوليد بن طلال في مختلف برامجها.
تعود تفاصيل القضية إلى العام 2012 يوم تقرّر فضّ الشراكة التي بدأت عام 2008 بين
”
تجددت فصول المعارك بين بيار الضاهر والوليد بن طلال بعد إقفال قناة “العرب”
” الوليد بن طلال، ورئيس مجلس إدارة LBCI بيار الضاهر. الشراكة التي تجسّدت في شركة “باك ليمتد” التي كان بن طلال يملك 85 في المائة من أسهمها، وهي الشركة المالكة لـ “الفضائية اللبنانية” أو LBC SAT. يومها أصبح كل موظفي LBCI موظفين لدى “باك”.
ومع فضّ الشراكة، أخذ الوليد بن طلال الفضائية كلياً، فيما صرف موظفي LBCI من شركته من دون دفع تعويضات الصرف التعسفي، ومن دون أن يدفع رواتب شهرين قبل فض العقد.
كذلك تملك “باك” المبنى الخاص بتصوير برامح تلفزيون الواقع مثل “ستار أكاديمي” في منطقة كفر ياسين (شمال بيروت). ومع فض الشراكة أيضاً استحوذ بن طلال على فضائيات “المؤسسة اللبنانية للإرسال” ما دفع الضاهر إلى إطلاق فضائيته الجديدة LDC، التي انطلقت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وكانت بمثابة “توأم” لـLBCI، حيث أطلّت عبرها فضائياً وكسرت “الحصار” الذي فرضه الأمير السعودي.
ومن الفضاء الإعلامي الى أرض الواقع، شنّت قناة LBCI حربًا على الأمير السعودي، وذلك من خلال تقاريرها الإخباريّة وبرامجها الحواريّة والترفيهيّة منذ العام 2012 لتعود بزخم مع بداية الشهر الحالي، بعد إيقاف قناة “العرب” الإخباريّة عن البثّ، وذلك نتيجة التخبّط الحاصل في أروقة إدارة القناة ورئيسها.
ومنذ الخامس من الشهر الحالي، نشرت تقارير عدة عن الأمير الوليد بن طلال، أبرزها تقرير حمل عنوان “الموسوي يربط أمراء سعوديين بالقاعدة”، قال فيه زكريا الموسوي، وهو أحد أعضاء تنظيم “القاعدة” الموجودين داخل سجن غوانتنامو، إن الأمير الوليد بن طلال وغيره من الأمراء السعوديين يموّلون “القاعدة”. كما قدّم جو معلوف في برنامجه “حكي جالس” على LBCI تقريراً بعنوان “إذا كان للسلطان ألف ليلة وليلة مرويّة فللأمير ألف قصة غير محكيّة”، وفتح أيضاً ملف شركة “باك” مجدداً متوعّداً بفتح ملف كامل للأمير الوليد.
كما عرض برنامج “بسمات وطن” مشهداً بعنوان “المش واقفة!” ظهرت فيه شخصيّة الأمير الوليد تقدّم المال للنساء من أجل تحسين سمعته. وعرضت القناة خلال إحدى نشراتها تقريراً
”
الضاهر: الصراع مفتوح مع الأمير حتى يقوم بتسديد كافّة التعويضات لموظفي PAC
” يُظهر مستندات لمصادر تمويل قناة “العرب” وارتباطها بالحكومة البحرينيّة.
وفي حديث لـ “العربي الجديد”، يقول رئيس مجلس إدارة “المؤسسة اللبنانيّة للإرسال إنترناشونال”، بيار الضاهر، إنّ “الصراع مفتوح مع الأمير حتى يقوم بتسديد كافّة التعويضات للموظفين الذين طردوا تعسّفًا”.
وعن خلاف الضاهر مع موظفي “باك”، أوضح أنّ “ليس هناك أي خلاف بيني وبينهم، فهم يريدون الحصول على حقوقهم من الشركة أي من شخص الأمير الوليد، فهناك 800 عائلة لبنانيّة متضرّرة وقد تبلغ قيمة التعويضات 44 مليون دولار، فهم وكّلوا محامين لرفع دعوة تزوير على شخص الأمير الذي قام بسحب الأموال وتزوير الأوراق مدّعياً أنّ الشركة أفلست متهرباً من الدفع”.
وأضاف “يمكن لأي من الشركاء فضّ الشراكة وتصفية العمل ودفع كافة المستحقّات الماليّة لأصحابها، إلاّ أنّ الوليد بن طلال تخطّى ذلك، بعد تعهده لدى وزارة العمل اللبنانيّة بدفع التعويضات للموظفين، إلاّ أنّني تدخّلت ووظّفت حوالي 250 شخصاً في القناة و80 آخرين في وظائف أخرى وسدّدت لـ 70 آخرين تعويضاتهم بمبادرة شخصيّة من النائب البطريركي العام المطران بولص صيّاح”.
لكن الحملة الحالية على الوليد بن طلال سبقتها علامات استفهام عدة، وغموض بين الموظفين. والسبب هو استئجار الضاهر مبنى كفر ياسين من بن طلال، رغم فض الشراكة بينهما. فهل التفاهم “المهني” بينهما مستمرّ رغم عدم حصول الموظفين على حقوقهم المالية بعد؟ حول هذا الموضوع، يقول الضاهر لـ “العربي الجديد”: “أنا لم أستأجر الاستديوهات من الأمير مباشرة بل من المسؤول عن تصفية أمور الشركة والذي يُعتبر مسؤولاً قانونيّا عنها”، مضيفًا “القضاء بيننا، والقضيّة الخاصة بالموظفين في المحاكم اللبنانيّة لدى القاضي علي إبراهيم، أما قضيّة العقود والالتزامات فسيُنظر بأمرها في المحاكم الفرنسيّة، وتبلغ قيمة المستحقّات على الوليد بن طلال حوالي 95 مليون دولار”.
وعن توقّف “إل بي سي” فضائيّاً، شرح الضاهر أنّ “المحطة الأرضيّة لنا وهي خارج الخلاف، والـ “إل بي سي” أوروبا، أستراليا، وأميركا لنا وهي متوقفة كحل وسطي بين الطرفين، لذا فإنّ مرجعيّة الأقمار الاصطناعيّة نصحت بألاّ يبثّ عبرها أيّ منا، في انتظار القرار الذي سيصدر عن القضاء الفرنسي، أمّا الـ “إل بي سي سات” فهي للوليد بن طلال بموجب اتفاق”. ويتابع: “هناك خلاف على أحرف شعار المحطّة “إل بي سي” أي العلامة التجاريّة مما دفعنا إلى إطلاق قناة “إل دي سي” فضائيّاً وهي قناة مستقلة”.
وعن تراجع نسبة المشاهدة للقناة، أوضح الضاهر: “إذا ما قارنا نسبة حضور الـ “إل دي سي” بالقنوات التي توقّفت سنجد أنّها نفسها، ولكن الفرق الوحيد أنّ “إل بي سي سات” كانت موجّهة للجمهور العربي والخليجي كالـ “أم بي سي” ولا يمكن مقارنتها بباقي القنوات الجديدة”.
وعن إعادة انطلاق قناة “العرب” الإخباريّة التابعة للأمير الوليد من لبنان، عوضًا عن البحرين قال: “أنا أجزم أنّه لن يكون قادراً على فتحها في أي دولة عربية لأنّ هناك سياسة إعلاميّة وهو لم يأخذها بعين الاعتبار، فكلامه عن إمكانيّة ظهور أبو بكر البغدادي أمير تنظيم الدولة الإسلاميّة المزعومة إن أراد هو ذلك، كان ثمنها باهظاً جداً على الأمير الوليد”.
”
الضاهر: السلطات البحرينية لم تتفاجأ بظهور المعارض على “العرب” ولكن النظام الملكي السعودي كان له دور بارز في إقفال القناة
”
وقال الضاهر: “ليس صحيحاً أنّ السلطة البحرينيّة قد تفاجأت بظهور ذلك المعارض (خليل المرزوق) على قناة العرب الإخباريّة، لكنّ النظام الملكي السعودي الجديد كان له دور بارز في إقفال القناة، ولن يكون لهذه المحطة تواجد إعلامي إلاّ في المملكة البريطانيّة لسهولة التعبير عن الرأي من دون قيد أو شرط”.
رغم الكلام الإعلامي الكثير الذي قيل عن الخلاف بين الوليد بن طلال وبيار الضاهر، ورغم اعتقاد كثيرين بأن سبب عدم حل هذا الخلاف هو “مشاكل شخصية بين الضاهر والوليد”، إلا أن الحقيقة الأكيدة هي أن مئات الموظفين لم يقبضوا بعد رواتبهم.
من جهة أخرى، قامت “العربي الجديد” بمحاولات عديدة للتواصل مع الأمير وليد بن طلال أو أحد محاميه في لبنان وفرنسا، لكن من دون أن نتلقّى حتى الساعة أي رد حول الموضوع.